" " " GAME OVER " " "8

11-
في احدى قاعات الدراسة بالمجمع الفخم الحديث الانشاء و الذي يضم العشرات من النساء و الرجال من مختلف الاعمار و مختلف الجنسيات جلس يوسف في احد الديسكات المنفردة لكل طالب في الحصة الاولى له لتعلم العربية بينما وقف المدرس على المنصة الصغير قائلا بابتسامة و باللغة الانجليزية التي تعتبر لغة عامة تفهمها الغالبية الساحقة : احب ان ارحب بالجميع بداية و اقطع على نفسي وعد امامكم بانكم ستستمتعون بدراسة العربية جدا لانها لغة رائعة حقا.. واحب ان اعرفكم بنفسي ثم اترك لكم باقي وقت الحصة لاتعرف على اسماءكم و نبذة مختصرة جدا عنكم و سأبدأ بنفسي ..انا صديقكم و اخيكم عبد الله الصالح .. سعودي ..اعمل معيد بكلية الآداب قسم لغة عربية بجامعة الملك فهد ..ثم يردف مشيرا الى اول طالب من اليمين ..هيا لنبدأ ..تفضل ..
و شرع الباقين كل في تقديم نفسة و جنسيتة و عملة و كان الفصل به نحو العشرون منهم 7 سيدات و الباقي رجال و قام يوسف ليقدم نفسة قائلا : يوسف اسماعيل مصطفى ..ثم توقف لبرهه كان خلالها يتسائل عما يتعين علية قولة ثم استأنف بعد تفكير قصير و وسط نظرات من الاستغراب من الباقين..: امريكي مسلم من اصول عريبة ..اعمل مهندس بشركة ارامكو ..و جلس و هو يشعر بنوع غريب من الفخر ..لكن هذه المرة ليس لانة امريكي….
و تواصل التعارف بين الطلاب و الطالبات الى ان جاء الدور على فتاة محجبة تبدو في الحادية و العشرين من العمر على الاكثر لكنها تحمل ملامح اوروبية جميلة ..فقامت قائلة باللغة الانجليزية لكن بنطق مختلف : خديجة لورين ملاسيان ..فرنسية مسلمة ..اعمل مدرسة للغة الفرنسية بمدرسة المنارة الثانوية الخاصة ..
تنبة يوسف بشدة الى الصوت و الى المقطع الثاني من الاسم و بدا لة ان يعرف المتحدثة فالتفت الى الوراء باهتمام ..فوقع بصرة على وجة المتحدثة ليقول في نفسة باندهاش : يا الاهي!! اليست هذه هي عارضة الازياء العالمية كرستين لورين التي كنت مولعا بها كمعجب عندما كنت بالجامعة و كانت وقتها فتاة صغيرة في السادسة عشر من العمر بعد ان فازت بلقب ملكة جمال فرنسا في العام الذي قبل اعتلائها لعرش عارضات الازياء؟؟..نعم انها هي لكن ماهذا الذي ترتدية ..؟؟و ما هذا الاسم الغريب الذي قدمت نفسها بة – خديجة- ؟؟و ماذا اتى بها الى هذه البلاد ..و لماذا تركت عملها الحالم لتعمل في تلك الوظيفة ؟؟..قطع علية افكارة صوت المعلم
المعلم : حسنا ..بالطبع هذه آخر مرة سنتحدث معا بالانجليزية او باي لغة اخرى سوى العربية ..سعدت بكم جميعا ..الى اللقاء..
توالى انصراف الحاضرين من القاعة و كان بعضهم يدرس اكثر من لغة فتوجهوا للحاق بالفصول الاخرى و البعض الاخر علية الاتنظار قليلا حتى موعد فصلة الآخر بينما على البعض الانصراف لانة انتهى من حصصة اليومية بالمجمع ..و كانت خديجة ممن عليهم الانتظار في كافيتريا المجمع الفخمة او المكتبة حتى موعد فصل اللغة الالمانية الذي تدرس به ..
تملك يوسف فضول قوي لمعرفة اجابات الاسئلة التي دارت برأسة بالقاعة ..لذا فقد انتظر خارج القاعة حتى خرجت خديجة و ناداها بذوق و ادب شديدين : ميس لورين..
تنبهت خديجة الى الصوت باستغراب و نظرت الى المتحدث بدهشة لانها لا تعرفة ..
يوسف بابتسامة مهذبة : عفوا ..هل انت كرستين لورين ؟؟ام اشتبة علية الامر ؟؟
تبتسم خديجة بنوع من التحفظ و الحزن الغامضين و تجيب : اوة ..نعم ..كنت الذي تقول ..لكن يمكنك الآن ان تناديني ب ميس خديجة..
يوسف باهتمام ملحوظ: لما؟؟اقصد هل تسمحين لي بان افهم ؟؟؟
تصمت متفكرة ..
يوسف : ارجوك ؟؟فانا لا اسأل بدافع الفضول صدقيني لكن ما تقولية سيساعدني ..ارجوك…
احست خديجة انها تفهم تقريبا ما يعنية يوسف ..فقبلت رجاؤة ..
على احدى الطاولات بالكافيتريا جلس يوسف يشرب القهوه و ينتظر بلفة شديدة ان تبدأ كرستين او خديجة الحديث..وضعت خديجة كوب العصير الذي كان بيدها على الطاولة ثم بدأت في الكلام قائلة : لم اكن ملكة جمال و عارضة ازياء فحسب كما كان يعرف عني كل المعجبين ..فقد كنت الى جوار كل هذا اعمل باحدى المنظمات الصليبية التبشيرية و الحقيقة اني لم اكن اعمل معها كنوع من العمل التطوعي .. لكن لانها كانت تمنحني ما كنت احتاجة من المال و كنت وقتها أؤمن به اكثر من ايماني بنور الشمس..ثم تابعت..كان جمالي و حب الجمهور لي يسمحان لي بالاقتراب من طبقات كثيرة و شرائح واسعة من البشر ..و حدث في عام من الاعوام مجاعة شديدة في الصومال ..ادت الى موت الآف من البشر و ترك الآخرين في انتظارة اذا لم يتم اغاثتهم و بالطبع وجدت المنظمة في هذا الحدث فرصة ذهبية ..و تم ارسالي تحت شعار الاغاثة الانسانية لشعب يقتلة الجوع ..لكن الحقيقة كانت حملة تبشير واسعة النطاق و معتمدة على نقطة في منتهى القوة و هي الجوع الشديد القاتل..وكنت قد تعاقدت معهم على 5000دولار عن كل فرد يعتنق الماسيحية على يدي..و بدأت العمل بحماس شديد فكنت أقدم للجوعى المساكين الطعام و الشراب.. بل و الكساء و الدواء ايضا و اقدم لهم الى جوارهما مزايا الديانة النصرانية و كيف اننا قد تذكرناهم بينما نسيهم اخوانهم المسلمين و تركوهم يموتون من الجوع ..و احدثم عن المزايا التي ستمنحها لهم المنظمة اذا اعتنقوا الماسيحسة من دخل ثابت و عمل مناسب و تعليم و حياة كريمة لم يكونوا يحلمون بها ..و بالفعل نجحت نجاح مذهل و اعتنق الكثير و الكثير من سكان القرية التي كنت فيها الماسيحية ..و تصاعدت فرحتي بالمبلغ الذي كنت احسبة و اعيد حسابة كل ليلة قبل ان احلم باوجة انفاقة و الاستمتاع بة ..ثم حدث فجأة ان وصل الى القرية شيخ مسلم سعودي ضمن حملة تابعة للاغاثة الاسلامية ..تقدم الطعام و الشراب و الكساء تماما كما افعل و ربما تفوقت عليهم بجودة الكساء و الطعام لكن شيئا ما غامضا كان يجذب الناس الى الشيخ لقد كان يقوم بالقاء محاضرات يومية للتوعية الدينية الاسلامية و كان كما يحكي عنة البسطاء من اهل القرية كلامة جميل يبكي العيون و يلين القلوب و فوجئت بقدوم هذا الشيخ يتحول الى شبح يقضي على ما حققتة من ثروة منتظرة فقد كان كل من يستمع الية يرفض الاستماع الي مطلقا بل ان الادهى من هذا ان الافراد الذين اعتنقوا الماسيحية على يدي كانو يرجعون الي واحدا تلو الآخر و يردون الي الاموال و الكساء و يقولون لي انهم على استعداد ان يموتوا جوعا و عرى و لايموتوا الا وهم مسلمون .. حتى ارتدوا جميعا الى الاسلام فجن جنوني ..و كدت اموت قهرا .لكني عقدت العزم على ان لا استسلم ابدا لذلك الكهل العربي المتخلف كما كنت اراه وقتها و في صباح احد الايام تنكرت في ثياب امرأة صومالية و دخلت القاعة التي يلقي بها محاضراتة لا لأسمتع الية لكن لاحاول ان اعرف سر انبهار الجماهير به لعلي ابطل سعية ..و جلست على احد المقاعد و انصت باهتمام شديد الية فاذا بة يتلو عليهم ايات من كتابهم المقدس باللغة العربية ثم يترجمها الى الانجليزية و يشرحها ..و يستعمل احيانا اللغة الصومالية للافاضة في الشرح و بالطبع كنت افهم جيدا اللغتين الاخيرتين ..و كانت الايات التي تلاها ثم اعقبها بالشرح هي الايات التالية ( لو انزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله و تلك الامثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون هو الله الذي لا اله الا هو عالم الغيب و الشهادة هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا اله الا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون هو الله الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات و الارض وهو العزيز الحكيم ) فشعرت بزلزال يهز اعماقي و كياني باسرة حتى من قبل ان استمع الى الترجمة او الشرح و احسست بوقع سحري للكلمات علية و بان دموعا تريد ان تفر من عيني و لا اعرف سببها ووجدت سؤالا يفرض نفسة علية ماهذا الكلام ؟؟و من قائلة؟؟و عمن تتحدث هذه الايات ؟ فقد شعرت انها تتحدث عن احد اعرفة جيدا ..فاذا بي استفيق من شرودي على صوت الشيخ يتلو ( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا احد) فتساقطت الدموع من عيني بغزارة دون اشعر و اذا بي اذهب الية بعد المحاضرة و انا ابكي حتى لم يكد الرجل يتبين ما اقوله من البكاءو ارجوه ان يسمعني المزيد من هذا الذي كان يقول فسمعت و سمعت و سمعت ..و في كل مرة تتكسر الحجارة التي على قلبي و تنكشف الحجب التي على عيني لارى النور بوضوح لا يقبل الشك ..ثم تصمت قليلا و تردف : و من الصعب يا صديقي على من رأى النور ان يقبل ان يعيش اعمى ..فاسلمت لله رب العالمين و علمت المنظمة باسلامي فاحضروني بالقوة الى فرنسا و مارسوا علية كل الضغوط الممكنة و عندما فشلت معي عذبوني غدابا لا يعرف الرحمة او الانسانية او الاخلاق ..و تصمت قائلة بفخر شديد لكني ابدا لا اكرة ان انظر الى آثارة التي مازالت تملأ جسدي بل على العكس فاني ادعو الله تعالى كل يوم ان لا تزول هذه الاثار حتى القاه بها فيسألني عنها فاقول له من اجلك يا رب فيقول لي صدقتي ..ثم تتابع حديثها قائلة و بعد ان فقدوا الامل نهائيا صادروا كل اموالي الخاصة و وجدت نفسي بلا مأوى او عمل ..لكني مازلت بديني الذي آمنت بة و لم افرط فية واتصلت بالشيخ السعودي الذي كان سببا في هدايتي فبذل مساعية بتوفيق من الله تعالى و حصل لي على عمل في المدرسة التي اعمل بها الآن و اقامة بالمملكة و الحمد لله و جئت الى هنا منذ عام واحد و عندما انشئ هذا المجمع حديثا التحقت بة لاتعلم اللغة العربية ..ثم تلتفت الية و كانت تظنة مسلما منذ ولادتة و يعلم تعاليم الاسلام قائلة : كم انت محظوظ لانك ولدت مسلما ..فينظر اليها وقد امتلأت عيناة بالدموع اثناء كلامها وفي عينية نظرة ساخرة من نفسة و يملأة شعور غريب باحتقار الذات لانة حقا ولد مسلما دون أي عناء لكن شتان بين موقفة وموقفها .. .. .