-9-
شعر يوسف بان علية ان يعيد حساباتة وان كان لم يقتنع بعد بانة كان مخطئا فمن الصعب بالتأكيد ان تغير الرياح اتجاهها في لحظة خاطفة ولو حدث هذا لنجم عنة ما يعرف بالاعصار المدمر….لكنة فقط عقد العزم على ان يؤجل حكمة النهائي و تكوين رأية الشخصي الى ان يتأكد من اكتمال الصورة لدية بجميع جوانبها فهو لم يتعامل مع العرب قط من قبل بل و لم يعرف عنهم شئ الا من خلال الطرف الآخر ..وبرغم من ثقتة العمياء في الطرف الآخر الذي يعتبرة اصلة الحقيقي ..لكنة تسائل ببساطة " وما البأس في ان احاول ان استمع من الطرف الآخر فربما تأكدت من حكمي القديم علية وربما ؟؟؟..لكن في كل الاحوال فلن اندم ..ولن اخدع مادمت اتمتع بعقل و منطق يسمحان لي بالتمييز ما بين الحقيقة و الوهم ..و مادمت لن استند الا الى حقائق تدعمها براهين .."و بهذا المنطق الجديد اتخذ يوسف قرار بان يعرف المزيد عن العرب و المسلمين بالتحديد و بالطبع وبالتبعية عن الاسلام..
سفي مكتبة الشركة العريقة التي تذخر بملايين الكتب من شتى انحاء العالم و بلغات عديدة ..وقف يوسف امام احد اضرف الكتب بالمكتبة و هو يتفحص العناوين باهتمام و كانت كلها كتب عربية مترجمة الى الانجليزبة بواسطة مترجمين عرب ..وقع بصرة منبين الكتب على كتاب يحمل اسم " الرحيق المختوم " و بطبيعة الحال لم يفهم يوسف المقصود من العبارة برغم من انها جذبتة اليها تناول الكتاب باهتمام و هو يجر احد المقاعد التي تقع امام احد الطاولات الكبيرة المخصصة للقرأة و بدأ في تقليب الصفحات ….
ادرك من الصفحة الاولى ان الكتاب يتناول سيرة ذلك النبي الكريم الذي انجذب ذات يوم الى كلمات الاغنية التي تحكي عنة ثم شعر لسبب غامض لم يفهمة بوخز ما في قلبة عندما عرف من هو ..ثم تذكر لثوان خاطفة وجة بشار عندما كان يقول بثقة " لان رسول الله الذي لا تعرف حتى الان كيف تصلي علية قد نهانا عن مثل هذة الافعال المشينة .." وبعد لحظات من الصمت تابع القرائة باهتمام شديد ….اقترب الكتاب من نهايتة ..وقد تملك يوسف مشاعر كثيرة متنوعة فقد انبهر بشخصية النبي صلى الله علية وسلم كما لم ينبهر بأحد من قبل ..فانبهر بعبقريتة الحربية و السياسية و الاجتماعية ..و اندهش بشدة عندما عرف انة لم يكن يعرف القراءة او الكتابة و انبهر بسمعتة التي شهد لة بها اعدائة قبل انصارة و التي ذاعت عنة حتى قبل ان يصبح رسولا .. ثم انبهر بقيادتة الحكيمة و قدرتة العجيبة على التأثير في كل من عرف و انبهر وهو يقرأ كلماته صلى الله علية و سلم المترجمة الى الانجليزية بقدرتة الغريبة على التعبير باوسع و اعمق معانية باستخدام اقل و ابسط الكلمات..لكن كل هذا الانبهار رغم شدتة لم يساوي شيئا الى جوار الانبهار الخرافي بأخلاقة صلى الله علية و سلم .. فقد شعر يوسف بانة لا يقرأ سيرة انسان و انما يقرأ اسطورة من اساطير فرسان العصور الوسطى ..لا بل ان كل ما قرأة من قبل من اساطير عن عظماء و نبلاء لا تحاكي ابدا و بكل المقاييس ما يقرأة عن هذا النبي المعجزة ..مع الفرق بان ما قرأة كان يعلم انه اساطير لا وجود لها على ارض الواقع وبرغم هذا فقد فاق هذا النبي خيال كل المؤلفين الذين قرأ لهم يوسف على مدار عمرة..وان كان كل صفحة في الكتاب قد تركت اثر سحري في نفس يوسف الا ان تلك العبارة وحدها قد تركت اثر يفوق كل ما قرأة يوسف في حياتة .. وقد كانت هذه العبارة هي تلك التي قالها صلى الله علية و سلم عندما بكى يوما فسألة الصحابة رضوان الله عليهم عن سبب بكائة فقال : ( ابكي شوقا الى احبابي ) فسألوة : او لسنا احبابك؟؟ فاجاب : ( انتم اصحابي ..لكن احبابي قوما يأتون من بعدي يؤمنون بي و لم يروني ..يود احدهم لو رأني باهلة و ماله..)ثم تلك العبارة التي تعد من آخر ما تلفظ بة خير من تلفظ على وجة الارض: ( بلغوا عني سلامي الى كل من يأتي من بعدي من المسلمين) و لسبب غامض لم يفهمه يوسف اطلاقا شعر بتيار غريب يسري بجسدة بسرعة فائقة و قد امتلك علية لبة و لمعت عيناه بدموع لم تنزل..و نظر الافق بتأمل شديد..
و تكرر الذهاب الى المكتبة بعد انتهاء يوم العمل ..حتى اصبح يوسف لا يغادرها الا عند النوم فقط ..و وتضاعف بسرعة فائقة عدد الكتب التي قرأها و تنوعت من رياض الصالحين، الى اسد الغابة، الى رجال ونساء انزل الله فيهم قرآنا، الى عبقريات ابا بكر و عمر و و عثمان و خالد..،الى صور من حياة التابعي و ….و غيرها الكثير و الكثير و في كل مرة يتصاعد الانبهار الى مقامات اعلى و اعلى و يتنوع من انبهار بكم المعلومات الطبية و الفيزيائية و الفلكية و غيرها التي اخبر بها النبي رغم انها لك تكن ابدا نتاج دراسة درسها الى انبهار عجيب بشخصيات الصحابة و عبقرياتهم الفذة و تأثرهم و حبهم الخيالي للنبي صلى الله عليه وسلم و تضحياتهم الجنونية من اجل الاسلام و من اجلة ..الى انبهار بنساء المسلمين التي لم يرى او يسمع في حياتة عن ذكاء او شجاعة او حكمة او تضحية او عفة تمتلكها انثى في العالم كهذا الذي قرأ.. ، الى انبهار لا حدود له مصحوب بدهشة شديدة عن حقوق الانسان ايا كان جنسة او دينة التي يكفلها الاسلام له و يحث عليها و كان قد قرأ كثيرا عن حقوق الانسان الدولية في السلم او الحرب لكنة ابدا لم يسمع في حياتة عن سمو انساني كهذا …و شعر بمفارقات عجيبة بين ما سمعة من قبل عن المسلمين و بين ما قرأة …
و بالطبع لا يخفى عليكم يا اعزائي انه طوال هذه الفترة التي تعدت الاربعة اشهر كان مارك يكاد يجن جنونه و هو يحاول الاتصال بشتى الطرق بيوسف الذي اغلق جهاز الموبايل و خلع فيشة الهاتف في محاولة منه لاخذ فرصة عادلة للحكم دون مؤثرات خارجية حتى من اصدقاؤه ماجد و احمد و بشار الذين لم يحاولوا ابدا التدخل في قرارة او في تكوين الصورة التي يرسمها ..لكنهم فقد قد تكفلوا سرا بالحيلولة دون وصول مارك الية عبر هاتف العمل بكل وسيلة و في كل مرة ينجحون فيها كانوا يضربون كفوفهم ببعضها في سعادة شديدة و امتنان لله تعالى..
وبعد اربعة اشهر كاملة كان يوسف خلالها قد قرأ عشرات الكتب ..و اصبح ملم بعلومات كثيرة و متنوعة عن الاسلام و تاريخة و تاريخ المسلمين و العرب ..تذكر انه قد نسي امرا في غاية الاهمية؟؟؟؟؟؟؟