قبل سنة أو سنتين
أو ربما ثلاث سنين
لا أذكر من أين بدأ الأنين
و لكن الأحداث جرت منذ حين
حين رأيته في ليلةٍ من ليالِ الحنين
طويلٌ أسمرُ اللون ...
عيناهُ تَشِعان بسواد الليل ...
و شفتاه المتشربتان بشهدِ الملوك ...
كان كملكٍ بين الرعيةِ والشعوب
من طاولتي كنتُ أسترقُ النظرَ إليه
يبتسم فتحسُ أن شفتاه لصٌ يختطفُ القلوب
يضحك فترى في ضحكته لغةَ الحروب
يقفُ منتصباً ليخطف أنفاس الحضور
لم يكن لوحده ولو لثوان
كان الجميع حوله يتحدثون
كان مستمعاً جيداً يشاركهم حين يتكلمون
و أنا من طاولتي أتحرقُ شوقاً لسماعِ صوتهِ الحنون
و عزفت الموسيقى لحنها ...
فتجمع الناس في حلبةٍ يرقصون
و بقي لوحدهِ يلعب بكأسهِ المجنون
لا أ دري كيف ومتى ؟!
حملتني أقدامي إليه
و لكني وجدتُ نفسي أمام عينيه
و يداي الباردتان بين يديه
وشفتاهُ الناعمتان تطبعان قبلةَ ودٍ عليهما
نظرت إليه بعيني السوداوين ...
لم نتكلف عناء المقدمات
و بدأ الحديث ببضع كلمات
فأخبرني عن سفره عبر المحيطات
و عن عيشه المتنقل بين الغربات
و حدثته أنا عن حبي للأغنيات
و عن عشقى لألحان الرحبانيات
و مدى تعلقي بقصص العشق والرومنسيات
تحدثنا و طوال الوقت تكلمنا
حتى إنتهت الرقصة الأولى
فدعاني إلى الرقصة الأخرى
و تعلقت يدي بيده ...
و سرحت عيناي بعينه ...
و خفق قلبي لقلبه ...
كان يتفنن في الرقص بكل خطوه
و يبتسم للجميع في كل لحظه
يتحركُ بخفةٍ يمنةً ويسره
وإنتهت الرقصه ...
و بدأت معها القصه ...
و إنضممنا إلى جميع من هم في السهره
و لكن عقولنا كانت أقرب لبعضها بالفطره
و تواعدنا على اللقاء بكل يوم مره
حتى تحين مواعيد أسفاره الحره
و في عصر اليوم التالي تقابلنا
و تحت المرج الأخضر تحدثنا ...
تكلمنا و تحدثنا كثيراً عن الماضي
و أخبرني قصصاً كثيرةً عن القاصي والداني
تعجبنا كيف لم نعرف بعض منذ الولاده
فأنا وهو لنا نفس الشهاده ...
نشهد أن الكون كله في عباده
و أن الله خلقنا لنكون عباده
و نؤمن أن الحب في المخلوقات عاده
و أن العشق الذي في قلوبنا لا يستحمل إبعاده
و بقينا أنا وهو نبحث للماضي عن إعاده
ثم عاد كل منا إلى بيته يضع للغد مكانه
وتقابلنا يومياً حتى قرب موعد فراقه
لم أحتمل بعده عني ففكرت في مراده
ذهبت اليوم التالي إليه و قلت له (( أحبك ))
قال لي (( لا لا تحبي الوهم بسرابه ))
إستغربت ونظرت إليه بغرابه ...
فرفع إلي يديه بإستقامه ...
صعقت من خاتم في إصبع يده الجذابه
كنت كمن صعق بتيار كهرباء
(( لا تسافر وتتركني في هباء ))
رد بعطف حنون (( كفي عن هذا الغباء ))
لا لستُ بهذا الدهاء ...
أحبك فلا تسافر للأنحاء
وبكل حزن أجابني (( أحبك وأحبها
ولكن حبي لكما ليس بسواء
هي نور يضئ لي الليالي السوداء
و أنتِ العالم الذي أحيا فيه الليالي البيضاء
و لكن لا تخافي سنظل أصدقاء ))
و لكني لن أتخلى عن ما أملك بهذه السهوله
فأخذت أكلمه في اليوم ألاف المرات
لن يكون لغيري و لو مات
لن أتركه حتى يكون في قلبي قد بات
أو أموت أنا فيكون لحبي ذكريات
و بقيت أسحبه نحوي كقوارب النجاة
و لكنه سافر دون أي موشحات
غادر من بلد الأمنيات
و رحلت أنا إلى قصري الكبير
أمشي في المرج الأخضر الوفير
و أكتب قصائد الحب الدمير
و أسقي زهوري من دماء قلبي الكسير
و حيث يتواجد الورد الأحمر تراني أسير
فروحي على شفة الهاوية تطير
و بعد أيام أتى من خلف المحيطات يبحر
و أ عتى الرياح الهوجاء يكسر
و من خلال أكبر الموجات يعبر
يتحدى أصعب رحلة في العمر
أراد أن يصل قبل أن يتحول الشهد إلى علقم مر
و حين وصل ركض و لم ينتبه كم مرة تعثر
لم يرى حالة قميصة المغبر
لم ينظر إلى شعره المنتثر
جاء إلي يركض بكل سرعه
أتى ليقولها لي لأول مره
و أخذ يسابق الزمن لوحده
حتى وصل و بين قدمي إنحنى
رفع رأسه ونظر إلى عيني
و بكل شوق قالها (( أحبك ))
تركت الأخرى و لم أستطع تركك
هي لا شئ أمام حبك ...
أنت المركب الذي فيه سأبحر
أحبك أنتي فلا تتركيني أنتحر
أما هي فتركتها بثوب عرسها تنتظر
لم أذهب إليها فحبك جعل قلبي ينفطر
جرحتها بتركي لها لأنتقم لك عن جرح قلبك المقتدر
تركتها تمضي إلى عرسها بدون عريس ينتظر
و أتيت إليك لأحتضنك باقي العمر المقتبل
و إبتسم في وجهي ينتظر الرد من عجل
فنظرت إليه بعينين باردتين ببرود الثلج المعتمر
(( إذهب فلم يعد لك في قلبي مكان
و أرجو منك نسيان ما كان ...
فأنت كنت لي كلعبة الأزمان ...
و قلبي ليس لعبةً لمن كان
فأنا لن أحب عصفوراً بلا مكان ))
و رحلت عنه إلى قصري الرنان
أمرح وسط المرج الفتان
فكأني إنتقمت لنفسي من الأيام
و أشفيت غليلي بقتل قلبِ الفرسان
وبعد يومان قرأت خبراً في جريدة اللأحزان
(( إنتحار شاب في مقتبل العمر بإسم * حب قد كان * ))
و تحت المقال رأيت صورة الشاب الفتان
فإبتسمت كالمنتصرة في معركة بين بحران
و ها أنا أعيش بين الشطئان
لا تقولوا بأني مجرمةُ هذا الزمان
لا فأنا لم أفعل شيئاً
لا تكرهوني وتجعلوني من عدم
فأنا هنا كل شئ
صدقوني أنا لم أفعل شيئاً
إنما كنت أتسلى بنارٍ مضرمة
ولكن ......
إعذروني
....... لم أقصد ؟!
انـنـا لا نـختـار حـين نحـب
و لانـحب حيـن نـختـار
والـحـب قـدر
وقـدرنا لانـعـرف لـةالـتـبديـل